الثلاثاء، 23 فبراير 2010

توقعات بوقوع أزمة مالية عالمية جديدة في العام المقبل

لا يتوقع حسب ما اشارت الصحيفه الروسية نيزافيسيميا غازيتا عن لسان الخبير الكسندر خاندرويف، النائب الأول لرئيس رابطة البنوك الإقليمية الروسية، أن تستعيد أسواق المال العالمية استقرارها قبل أكتوبر المقبل عندما يتم نشر تقارير المتعاملين في سوق الولايات المتحدة الأمريكية للقروض العقارية، وهي السوق التي ضربت أزمتها أسواق العالم للأسهم والأوراق المالية.
وقال خبير روسي آخر، وهو يوري دانيلوف "نشهد حاليا نهاية إحدى مراحل نمو الاقتصاد العالمي" وهو ما يمثل مقدمة لأزمة مالية عالمية جديدة يمكن أن تقع في الأعوام القليلة المقبلة. ويضيف دانيلوف أن الأزمة المالية المرتقبة لا بد وأن تطال روسيا أيضا.
ولا يبدو الخبير خاندرويف متشائما بشأن روسيا وقطاعها المصرفي خاصة "أن حجم القروض الإسكانية عندنا لا يزال ضئيلا - حوالي 600 مليار روبل".
ويتوقع محلل اقتصادي روسي آخر - أغوان ميكايليان - وقوع أزمة مالية عالمية جديدة في العام المقبل إذا لم يتمكن العالم الغربي من إيقاف التدهور في أسواقه قبل نهاية عام 2007، لكنه لا يخاف على روسيا لأنها تملك "صمام الأمان" ممثلا في احتياطي كبير من الذهب والعملات الأجنبية.
قد تعجز حكومة الولايات المتحدة الأمريكية في بداية أكتوبر المقبل عن تسديد التزاماتها أمام الدائنين حول العالم إذا لم يسمح البرلمان الأمريكي لها بزيادة حجم الدين العام في أسرع وقت.
وارتفع إجمالي الدين العام للولايات المتحدة من 57% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2001 إلى ما يقارب 5ر65% (965ر8 تريليون دولار) في عام 2007 بسبب تزايد النفقات، خاصة نفقات الحرب في العراق.
ومن المتوقع أن يسمح المشرعون الأمريكيون للحكومة بتجاوز الخط الأحمر - أي 965ر8 تريليون دولار - حتى تستطيع تسديد التزاماتها نحو مشتري سندات الخزانة الأمريكية.
ويرى الخبراء الاقتصاديون أن روسيا أيضا تتأثر بارتفاع الدين العام للولايات المتحدة خاصة أنها تعد من مقتني سندات الخزانة الأمريكية.
ويصف الخبير الاقتصادي الروسي يفغيني ياسين ارتفاع الدين العام الأمريكي بأنه نذير شؤم، مشيرا إلى أن ذلك يؤدي إلى انخفاض قيمة احتياطي البلدان الأخرى من النقد الأجنبي.
ويقول خبير اقتصادي روسي آخر هو فلاديمير تيخوميروف، إن ارتفاع الدين العام الأمريكي يدل على أن هناك مستثمرين يؤمنون بأن الولايات المتحدة تقدر على تسديد التزاماتها، ولهذا فإنهم مستعدون لشراء سندات الدين للحكومية الأمريكية.
ويتوقع الخبير أن تقدم المصارف المركزية لبلدان أوروبا وآسيا على شراء المزيد من سندات الخزانة الأمريكية لأن بلدان العالم لا تريد أن تجتاح أزمة مالية جديدة العالم.
ومع ذلك فإن الكثير من المصارف المركزية تتوجه لتخفيض نسبة السندات الأمريكية إلى إجمالي احتياطي بلدانها من العملات الأجنبية. فلقد انخفضت حصة الأوراق النقدية الأمريكية في احتياطي روسيا، مثلا، من العملات الأجنبية مما يقارب 80% في عام 2002 إلى ما يقارب 49% اليوم.
وواصل المؤشر العام لسوق المال في العديد من بلدان العالم انخفاضه، وهو الانخفاض الذي بدأ بعدما اهتزت سوق الولايات المتحدة للقروض الإسكانية.
ولا تضع السلطات النقدية الروسية الأمور في إطار "كارثي". فقد قال نائب وزير المالية الروسي سيرغي ستورتشاك إن ما تشهده الأسواق العالمية هو مجرد تصحيح لأوضاعها.
ومن جانبهم يرى خبراء مستقلون ما ينذر بتفاقم الأزمة ما لم يتم احتواؤها في أقرب وقت من خلال تخفيض أسعار الفائدة على القروض التي يقدمها نظام الاحتياط الفدرالي (البنك المركزي الأمريكي) إلى البنوك التجارية.
بيد أن المحللين لا يتوقعون أن تقدم السلطات النقدية الأمريكية على خطوة كهذه بسبب الخوف من التضخم. ولهذا فإن الخبراء في الشؤون المالية ينتظرون بقلق نهاية العام المالي (سبتمبر - أكتوبر) عندما ستبلغ أزمة المدفوعات الخاصة بالقروض الإسكانية الأمريكية أوجها.
وتستبعد المحللة الروسية أولغا بيلينكايا إمكانية وقوع أزمة اقتصادية تماثل الأزمة التي اجتاحت العالم في سبعينات القرن العشرين، ولكنها لا تستبعد أن يكون الخريف المقبل حارا بالنسبة للاقتصاد العالمي، مشيرة إلى أن المستثمرين باتوا يسحبون أموالهم من استثمارات محفوفة بمخاطر.
وتبدو السوق الروسية آمنة وسط المخاوف التي تنتاب المتعاملين في أسواق الأسهم والأوراق المالية حول العالم لأن روسيا لا تواجه نقصا في السيولة بينما يعتبر مستوى ديون الدولة الروسية متدنيا جدا. ومع ذلك فإن الخبير رولاند ناش من إحدى الشركات المالية الروسية - "رينيسانس كابيتال" - ينصح حملة السندات الروسية بتسييلها (أي بيعها
وتمكنت مصارف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان المركزية، فيما بدا، من وقف الأزمة المالية التي تسببت فيها سوق الولايات المتحدة للقروض الإسكانية، بعدما ضخت أكثر من 8ر295 مليار دولار إلى أسواق المال العالمية خلال الأيام القليلة الماضية في خطوة منقطعة النظير بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 الإرهابية.
واجتاحت موجات بيع محمومة أسواق العالم للأوراق المالية والأسهم بعدما تدهورت الثقة بالسندات الأمريكية. وحتى البنوك الروسية التي لم تستثمر في سندات الإسكان الأمريكية إطلاقا، انخفضت أسعار أسهمها.
وعزا محللون سبب ذلك إلى مخاوف من تفاقم الأزمة في السوق الأمريكية. ولا تزال السوق الروسية، مع ذلك، تتمتع بالجاذبية بدليل أن مؤشر سوق روسيا للأوراق المالية ما لبث أن عاود ارتفاعه.
وينصح المحللون المتعاملين في السوق الروسية بعدم بيع أوراقهم المالية، مشيرين إلى أنه لا بد وأن تنعم السوق الروسية بالاستقرار وتحقق المزيد من النمو.
ويُذكر أن سعر الفائدة على القروض التي يقدمها نظام الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) إلى البنوك التجارية ارتفع من 1% إلى 25ر5% خلال الأعوام الأربعة الماضية الأمر الذي أدى إلى ارتفاع كبير في سعر الفائدة على القروض الإسكانية. وبات المقترضون يعلنون عجزهم عن دفع الفوائد المرتفعة.
وأعلن النائب الأول لرئيس جمعية البنوك الإقليمية في روسيا الكسندر خاندرويف للصحفيين أثناء محاضرة في موضوع "أزمة قروض الرهن العقاري في أمريكا ودروسها وعواقبها بالنسبة لروسيا" أن الأزمة التي اجتاحت مجال الرهن العقاري في أمريكا لن تؤثر في أوضاع الرهن العقاري في روسيا.
وقال، أولا، إن حجم قروض الرهن العقاري في روسيا صغير بحيث لم يتجاوز في العام الماضي مقدار 600 مليار روبل، وثانيا، إن البنوك تحاول إبقاء فوائد القروض ضمن حدود معقولة، وثالثا، إن في روسيا تنتشر على نحو واسع نسبيا ظاهرة التسديد المبكر للقروض.
وأكد خاندرويف أن الأزمة في مجال الرهن العقاري في الولايات المتحدة قد تحمل البنوك الروسية على أن تحاذر أكثر أثناء اختيار الزبائن ولكن فوائد القروض لن ترتفع بدرجة ملموسة.
ويستعد أحد البنوك العالمية التي تتولى إدارة أموال الأثرياء - JPMorgan (Suisse) SA - لدخول أسواق أوروبا الشرقية وروسيا، حيث يوجد هناك كثير من رجال الأعمال الأغنياء كما قال رئيس البنك بابلو غارنيك.
وتنشط الآن ثلاث مجموعات غربية - Credit Suisse وHSBC وUBS - في التعامل بأموال رجال الأعمال الروس الأثرياء في السوق الروسية، إلى جانب مؤسسات مصرفية روسية مثل "ترويكا ديالوغ" و"أورال سيب" و"رينيسانس كابتال".
ولا يرى الخبراء عقبة تحول دون دخول مزيد من البنوك الأجنبية إلى هذا القطاع بالسوق الروسية خاصة وأنه يوجد في روسيا موسرون كثيرون، ولكن أغلبيتهم لم ينضموا إلى المتعاملين في سوق المال بعد.
وهناك، مع ذلك، مشكلة يمكن أن تعيق، في رأي الخبراء، البنك المذكور الراغب في دخول السوق الروسية وهي أن مديري الأموال الأجانب لا يعرفون كيف يتعاملون مع أصحاب الملايين الروس.
ويُتوقع أن يضم بنك JPMorgan ما يصل إلى مليار دولار أمريكي إلى الأموال التي يتولى إدارتها في السنة الأولى بعد دخول السوق الروسية. وللمقارنة فإن إحدى المؤسسات المصرفية الروسية التي تتولى إدارة الاستثمارات - "رينيسانس أوبرافلينيه إنفستيتسيامي" (رينيسانس لإدارة الاستثمارات ) - تنوي ضم مليارين آخرين من الدولارات إلى الأموال التي تديرها ليبلغ مجموع الأموال التي تتولى إدارتها 5 مليارات دولار بنهاية العام الجاري.
وذكر مصدر في البنك الروسي "الفا-بنك" الذي يدخل في قائمة أكبر البنوك الروسية أن "الفا- بنك" يجري حاليا محادثات حول شراء الحصة المهيمنة من أسهم البنك اللاتفي Parex.
ويذكر أن بنك Parex تأسس في عام 1992 ويعتبر حاليا أحد أكبر البنوك في لاتفيا. وتوجد لهذا البنك فروع في 15 بلدا في العالم.
وتأسس "ألفا- بنك" في عام 1990. وشكلت موجودات البنك في بداية العام الحالي ما يقارب 13 مليار دولار بزيادة نسبتها 50 بالمائة مقارنة بمؤشر العام الماضي.
وجاء في الخطة العامة للتنمية الاجتماعية الاقتصادية الطويلة الأمد في روسيا حتى عام 2020 التي أعدتها وزارة التنمية الاقتصادية والتجارة أن قسط روسيا في الاقتصاد العالمي سيزداد من 6ر2 بالمائة في عام 2006 إلى 3 بالمائة في عام 2015 وإلى 4ر3 بالمائة في عام 2020.
وتتوقع الوزارة تقلص الفجوة بين روسيا وبلدان العالم المتقدمة من حيث مستوى الرفاهية بشكل ملموس. فإن حجم إجمالي الناتج الداخلي للشخص الواحد من السكان سيشكل حتى عام 2015 ما لا يقل عن 21 ألف دولار وحتى عام 2020 ـ 30 ألف دولار وهذا يتطابق تقريبا مع مستوى التنمية الحالي في بلدان الاتحاد الأوروبي. كما سيتقلص الفرق في مستوى دخل الفرد الواحد مقارنة بالولايات المتحدة من 3 مرات إلى أقل من مرتين.
وسيكون بوسع روسيا حتى عام 2020 وفقا للخطة الالتحاق بخماسي بلدان العالم المتقدمة من حيث إجمالي الناتج الداخلي.
وجاء في الوثيقة أن "تحول روسيا إلى أحد الرياديين العالميين في الاقتصاد العالمي وارتقاءها إلى مستوى التنمية الاجتماعية الاقتصادية في البلدان المتقدمة صناعيا يشكلان هدفا استراتيجيا. ومن المفروض أن تلتحق روسيا حتى عام 2020 بخماسي بلدان العالم المتقدمة من حيث إجمالي الناتج الداخلي والقدرات الاقتصادية".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق