كشفت صحيفة" بريطانيا الي ان الولايات المتحدة ,وبريطانيا عمدت الى توسيع بعثاتهما للتدريب العسكري في اليمن بارسال مستشارين الى اربعة معسكرات جديدة مخصصة لمكافحة الارهاب .
وقالت صحيفة "ذي تايمز" البريطانية في تقرير نشرته اليوم السبت انها تستطيع أن تزيح الستار عن ان هذه الخطوة تعتبر جزءا من انطلاقة لتوفير معونة وقائية الى الدول التي تعاني من عدم الاستقرار والتي توجد فيها قواعد لتنظيم "القاعدة". وتضيف انها المرة الاولى التي ستنشر بريطانيا واميركا مدربين الى جانب القوات اليمنية في مناطق مأرب وشبوة وحضرموت وأبين – وهي مناطق من المعروف ان "القاعدة" تتخذ منها ملجأ آمنا – وذلك حسب ما ورد من مصدرين اثنين، احدهما ضابط عسكري اجنبي والاخر دبلوماسي اجنبي يعمل في اليمن .
وكان وجود المدربين مقصوراً في الماضي على المعسكرات في ضواحي العاصمة اليمنية صنعاء. وقال احد المصادر: "حاولنا ان نخرج من مراكز التدريب قرب صنعاء الى المناطق الاخرى. وسنتمكن بوجود وحدة مكافحة الارهاب الجديدة ان نخرج الى الحقول للمرة لاولى، وهو امر حيوي اذا كنا نريد ان نحقق أي تقدم ضد القاعدة ".
وقد وُصف الوجود العسكري البريطاني الحالي بانه "معتدل" – بالعشرات – يضم قوات خاصة ومدربين عاديين. اما الولايات المتحدة فقد قامت بتدريب قوات مكافحة الارهاب اليمنية منذ عشر سنوات عندما بدأت الحملة التي اطلق عليها اسم "الحرب على الارهاب". غير ان عدد المدربين الاميركيين تضاعف مرتين العام الماضي الى حوالي 100، في اعقاب محاولة عمر فاروق عبد المطلب اسقاط طائرة ركاب فوق ديترويت في يوم عيد الميلاد العام 2009 .
وقد تسبب انذار امني ثان في تشرين الاول (اكتوبر) بسبب قنبلتين في طائرتين ادعت "القاعدة في شبه الجزيرة العربية" انها زرعتهما، في زيادة واضحة في عدد المسؤولين الاميركيين في صنعاء. وتظل مسألة الوجود العسكري الاميركي متسمةً بالحساسية فيما تسعى ادارة اوباما في مكافحة القاعدة من دون اشعال المشاعر ضد الاميركيين .
من ناحية اخرى، اعلنت الحكومة اليمنية انها انشأت وحدات اقليمية لمكافحة الارهاب الشهر الماضي .
وتنسجم بعثة التدريب الموسعة الجديدة مع الرغبة التي وردت في المراجعة الاستراتيجية الامنية والدفاعية البريطانية لمواجهة تهديد الارهاب الذي تمثله دول مثل اليمن والصومال من ناحية اساسية بدلا من استيعابه في صراع اكبر على غرار ما يجري في افغانستان .
وقال مصدر عسكري بريطاني ان "الوقاية افضل من الاضطرار الى التعامل مع شيء ما بعد الحدث". وقد تسربت اخيرا برقيات دبلوماسية كشفت عن الطبيعة السرية للتورط الاميركي في اليمن. فقد عرض الرئيس اليمني على عبد الله صالح على واشنطن "بابا مفتوحا" لمهاجمة "القاعدة" في ايلول (سبتمبر) 2009 حسب ما جاء في التقارير. وبعد اربعة اشهر نقل عن الرئيس اليمني قوله في اجتماع لبحث القصف الجوي الاميركي مع الجنرال ديفيد بتريوس الذي كان اعلى قائد عسكرية اميركي رتبة انذاك في المنطقة، اننا "سنواصل القول ان القذائف هي قذائفنا وليست قذائفكم". وقد ادت عمليات القصف الجوي الى قتل عدد من المدنيين .
ورفعت وزارة الدفاع الاميركية معونتها المالية لليمن من 70 مليون دولار في العام 2009 الى 150 مليونا. وتؤمن واشنطن ان "القاعدة" في اليمن تمثل خطراً أكبر من نظيرتها في باكستان .
وقد حدد الرئيس اليمني حتى الان المناطق التي يتحرك فيها الجنود الاميركيون لتحاشي ردود الفعل. ويأتي الكشف عن تورط القوات الخاصة الاميركية والبريطانية في العمليات التي تجرى في انحاء اليمن فيما يبدأ حملته الانتخابية في نيسان (ابريل ).
وكانت بريطانيا قد ارسلت مجموعة من الجنود المرتزقة لتجنيد مواطنين صوماليين من أجل محاربة القراصنة هناك، لحماية مواطنيهم ومواطني الدول الأخرى الذين يتم اختطافهم من قبل القراصنة الذين يطلبون فدية مقابل إطلاق سراحهم، ويأتي هذا القرار بعد إطلاق سراح مواطنين بريطانيين تعرّضا للخطف قُبالة السواحل الصومالية أثناء قضائهما لإجازة التقاعد، فقد أُطلق سراح بول وراشيل تشاندلر بعد عام كامل قضياه هناك منذ أن اختطفهم القراصنة عندما أبحرا بيخت من جزيرة سيشل إلى تنزانيا.
وذكرت صحيفة الديلي تليغراف أن الحكومة قرّرت الإقدام على هذه الخطوة من أجل مزيد من الحماية للبريطانيين، وتحيط بخطة المملكة المتحدة بحساسية كبيرة بسبب فشل مساعي مماثلة لدول عدّة من قبل، حيث إنهم كانوا يقوموا بتدريب مواطنين صوماليين ويعطوهم أسلحة، فيقوموا بالانضمام للقراصنة أو إلى المجاهدين الإسلاميين في الصومال.
وتهدف الخطة لإعطاء زوارق سريعة لمواطنين صوماليين مدرّبين، ليحتلّوا سواحل الصومال في منطقة القرن الإفريقي ليسيطروا عليها بدلاً من القراصنة الذين يستعملون مراكب الصيد في خطف الضحايا والمطالبة بفدية كبيرة من دولهم. حيث شهد العام الحالي حوالي 164 عملية قرصنة، وخطفت 37 مركبة بحرية، واحتجز 700 شخص تقريبًا، وتُوفي وأُصيب منهم 12 شخص.
وسيحصل الجنود المرتزقة على حوالي 1800 دولار في اليوم الواحد، يتمّ خصمها من أموال دافعي الضرائب البريطانيين، وهو ما أضفي المزيد من الجدل على الخطة. فيما ستعمل وزارة الخارجية على تنفيذ الخطة من خلال الأمم المتحدة التي تسعى لتخفيف حدّة القرصنة في القرن الإفريقي، والذي أحدث الكثير من المشكلات في الأعوام الماضية.
وكشف بيان داخلي في الأمم المتحدة أن العمل على إنهاء حالات الاختطاف والقرصنة في العالم من مهام المنظمة الدولية، وحصلت صحيفة الديلي تليغراف على البيان ونشرت منه مقتطفات منها "لو لم يعد من الممكن للسلطات الصومالية القضاء على القراصنة هناك، فإن إرسال مدرّبين إلى هناك أمر ممكن".
فيما حذّر قادة عسكريون بريطانيون ومصادر في وزارة الدفاع الحكومة من مضاعفات التقليل من تقدير التهديد الذي تواجهه المملكة المتحدة من قبل القراصنة الصوماليين، فقد أثار ازدياد عدد هجمات القراصنة في خليج عدن والمحيط الهندي مخاوف من احتمال تعطّل إمدادات الغاز والنفط إليهم، وارتفاع أسعار مواد الطاقة خلال فصل الشتاء. حيث تأتي ثلث واردات المملكة المتحدة عبر البحر الأحمر وخليج عدن، ونحو 15% من واردتها من الغاز الطبيعي.
ووجّه قادة عسكريون بريطانيون بارزون تحذيراتهم من أن قيام القراصنة الصوماليين باعتراض ناقلتين للغاز الطبيعي المسال سيكون له تأثير كبير وسريع على المملكة المتحدة، كونها تفتقد إلى القدرة على تخزين الغاز المسال. وطالب القادة العسكريين الحكومة بالعدول عن قرارها الاستغناء عن طائرات الاستطلاع من طراز "نمرود" في إطار مراجعة استراتيجية الدفاع التي أقرّتها، وشدّدوا على أن هذه الطائرات ستعزّز الجهود الدولية الرامية إلى منع القرصنة في خليج عدن، بسبب قدرتها على تغطية مناطق واسعة بفضل أنظمتها المتقدّمة في تتبع السفن.
وقال مصدر في وزارة الدفاع البريطانية "إن مسؤولي الوزارة يشعرون بالإحباط لأن الحكومة تنظر إلى قضية القرصنة على أنها ليست أكثر من تعبير عن السخط، وليست خطرًا على الاقتصاد البريطاني". وأضاف المصدر "السؤال الذي يجب أن نوجّهه إلى الحكومة هو، هل تريد أن ترى أسعار الوقود ترتفع خلال فترة عيد الميلاد بسبب القرصنة الصومالية؟
لا بد للغرب من أن يدرك العلاقات التي تربط بين ما يجري في اليمن والصومال بل ومنطقة القرن الأفريقي المضطربة كلها بعد أن تبين أن مشاكل هذه المنطقة التي لا تعد ولا تحصى لا يمكن تجاهلها, هذا ما عبر عنه بيتر بيمونت في مقال له بصحيفة ذي أبزورفر اللندنية.
وبدأ بيمونت مقاله, الذي اختار له عنوان: "القرن الأفريقي: عنف وخوف وغموض" بقصة قارب صيد صومالي احتجزته قوات خفر السواحل اليمنية بعد أن توصلت بمعلومات تؤكد أنه ليس قارب صيد عاديا, وفعلا لقد كان القارب محملا بأسلحة وذخائر متجهة إلى اليمن, الذي تشير آخر الإحصاءات إلى أن به حوالي 60 مليون بندقية لسكان لا يتجاوزون 21 مليون نسمة.
ولا شك أن تجارة الأسلحة بين الصومال واليمن ليست من اتجاه واحد, بل إن السفن اليمنية كثيرا ما هربت أسلحة إلى الصومال, مساهمة بذلك في تأجيج الصراع المرير الذي تشهده مقديشو والمناطق الجنوبية والوسطى من الصومال.
لكن القبض على هذا القارب, رغم دلالته, ليس سوى الشجرة التي تخفي الغابة. فالقرن الأفريقي لا يزال يتصدر منذ القرن الماضي أكثر المناطق الأفريقية احتمالا للتفجر, بعد أن عانى من أطول الصراعات وأكثرها مرارة خلال القرن الماضي.
فمشكلة هذه المنطقة, حسب مدير الهيئة الأفريقية الملكية ريتشارد دودن, هي أنك "لا يمكن أن تتحدث عن إريتريا دون الحديث عن إثيوبيا ولا عن السودان دون ذكر مصر".
ويصر دودن على أن الفشل في فهم طبيعة العلاقة بين تلك البلدان ساهم في الصعوبات التي تواجهها المنطقة.
ومع إضافة اليمن الموجود على الضفة الأخرى لخليج عدن إلى هذه الخلطة, تبدو المشاكل الاقتصادية والسياسية والأمنية المعقدة لهذه المنطقة متداخلة بشكل يجعل حلها على المستوى المحلي الصرف لأي من هذه البلدان غير مجد.
لقد تركت هذه المنطقة بصمتها على الوعي الدولي خلال العقدين الأخيرين لأسباب كلها سيئة: الحرب والمجاعة والتشريد الجماعي للسكان المدنيين.
ففريقا الحكم في السودان يتبادلان الاتهامات في ظل إصرار الجنوبيين على استفتاءقد يعني انفصالهم عن الخرطوم التي تحذر من أن ذلك قد يكون بداية لتجدد الحرب, واليمن بدأ يتفكك شيئا فشيئا مع مواجهة الحكومة هناك لمتمردين بشمال البلاد وجنوبها, وهو يواجه تنظيم القاعدة كذلك.
أما الصومال فلا يزال ينزف ويبدو أن الغرب يكرر نفس الخطأ في هذا البلد, إذ لا يبدو, حسب دودن, أن الغرب حاول فهم العداء التاريخي بين إثيوبيا والصومال.
ويحذر المحلل السياسي اليمني عبد الغني الإرياني من أن آلاف الصوماليين ممن وصلوا شواطئ اليمن لا بد أن يكون من بينهم أعضاء أو متعاطفون مع حركة الشباب بالصومال وبالتالي مع القاعدة.
وما لا يختلف أغلب المحللين فيه هو الخطر المحدق بهذه المنطقة من العالم, لكن كثيرا منهم يرى أن القصة الحقيقية تكمن في التحكم في تجارة الأسلحة, إذ إن من شأن ذلك أن يعزز سلطة الحكومة في اليمن ويقلص احتمال تدهور الأوضاع أكثر في الصومال, شريطة أن يصاحب ذلك اعتراف بأن خليج عدن هو مصدر لعدم الاستقرار
متابعة د محمدالنعماني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق