"فتحت تركيا عيونها لتدرك قوتها وحجم نفوذها، وبدأت تتخلى عن القيود التي تحول بينها وبين الدور الذي يمكن أن تلعبه في المنطقة". هذا ما يؤكده الخبير التركي والمحلل السياسي إسماعيل ياشا، في حديثهِ لـ "الشبيبة"، موضحاً أن أنقرة تسعى إلى تأسيس علاقات طيبة مع محيطها الذي يشترك معها في التاريخ والجغرافيا والثقافة، مع تأكيدها على مبدأ احترام سيادة كل دولة صغيرة كانت أو كبيرة، وخصوصيتها، وفي الوقت ذاته فإن أنقرة انفتحت على عمق القارة الأفريقية وعلى دول أمريكا اللاتينية بالإضافة إلى تعزيز علاقاتها مع روسيا والصين والهند.
ويرى الخبير في الشأن التركي في حوار خاص مع "الشبيبة" أن العلاقات التركية الإسرائيلية لم تكن لصالح أنقرة – حتى وقتٍ قريب - كما أنها لم تكن متزنة أيضا.
وحول المشكلة الكردية، قال ياشا إن الحكومة تتجه بصدق لحلها، وأن عموم الشعب التركي يناقش هذه القضية التي وصفها بـ "المستعصية"، لأن هنالك مطالب كردية تتقاطع ومطالب الانفصال، رغم تأكيدهِ أن الانفصاليين لا يمثلون أغلبية لدى الأكراد، وفيما يلي نص الحوار:
مرحلة انتقالية..
الشبيبة: إسلاميو تركيا موزعون بين حزبي"السعادة" و"العدالة والتنمية"..؛ فما هو مستقبل الإسلام السياسي في أنقرة؟
* إسلاميو تركيا كانوا موزعين بين "السعادة" و"العدالة والتنمية" قبل انشقاق نعمان كورتولموش وأصدقائه من "السعادة" وتأسيسهم حزب "صوت الشعب"، فأصبحوا بذلك ثلاثة أحزاب، لكن الانشقاق الأخير أصبح لصالح "العدالة والتنمية"، لأن الناخبين لا يفضلون غالبا الأحزاب الصغيرة التي ليس لها أمل في تجاوز نسبة ال 10%، وهي النسبة الأدنى لدخول البرلمان. وفي تقديري لن تتجاوز أصوات "السعادة" بزعامة نجم الدين أربكان و"صوت الشعب" بزعامة نعمان كورتولموش 3% في الانتخابات القادمة وأننا سنشهد منافسة بين هذين الحزبين وإن كانت نسبة أصواتهما ضئيلة.
أما حزب العدالة والتنمية بزعامة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان فمازال يحافظ على شعبيته وليس له منافس حقيقي، لأنه ليس له بديل حتى الآن. والأحزاب الأخرى كلها، سواء كانت يمينية أو يسارية، ما زالت بعيدة عن تطلعات وطموحات معظم الشعب التركي. ولذلك نقول إن المنافس الحقيقي لحزب العدالة والتنمية هو نفسه، بمعنى أن الحزب الحاكم هو الذي سيحدد مستقبله بنجاحاته أو إخفاقاته. لست بمتحيز لحزب أردوجان، وإنما استطلاعات الرأي تقول ذلك، فمثلا آخر استطلاع للرأي يشير إلى أن أصوات حزب العدالة والتنمية تصل إلى 48%.
السؤال الذي لابد من طرحه هو كيف سيكون مستقبل حزب العدالة والتنمية في ظل منافسات داخلية؟. لا شك أن الصراع مع القوى الانقلابية جمعت التيارات الإسلامية المختلفة بالإضافة إلى اللبراليين في تأييد حزب العدالة والتنمية. ولكن مع مرور الزمان وتراجع نفوذ العسكر في الساحة السياسية والانفتاح في السياسة الخارجية ظهرت بوادر استياء لدى بعض التيارات من أداء الحكومة وسياساتها. ومثال ذلك ما حدث في التعاطي مع أسطول الحرية.
ويعد وجود أردوجان على رأس حزب العدالة والتنمية عامل من عوامل النجاح في الحزب الحاكم.
لأن أردوجان له شخصية قوية يمنع الفوضى والانشقاق. لا أحد يتجرأ بالخروج على أردوجان. وكثير من الناخبين يصوتون لحزب العدالة والتنمية لأجل ثقتهم بأردوجان فقط. ولكن ما مصير حزب العدالة والتنمية بعد أردوجان؟ أعتقد هذا ما سنبدأ مناقشته بعد انتخابات يونيو القادمة.
هل ترى أن تركيا تمر بمرحلة انتقالية، تتجاوز خلالها "العلمانية الكمالية" وميراثها السياسي؟ لاسيما وأن بعض التحليلات تقول إن التوجهات السياسية الجديدة لتركيا – في ظل حزب العدالة والتنمية – هي عملية تحول من المحور الغربي- الأطلسي إلى المحور الشرق الأوسطي بشكل خاص؟.
*نعم، تركيا تمر من مرحلة انتقالية ولكن هذا الانتقال ليس من محور إلى محور آخر. السياسة الخارجية الجديدة لتركيا ترفض أصلا سياسة المحاور. يمكن أن نقول إن تركيا فتحت عيونها لتدرك قوتها وحجم نفوذها، وبدأت تتخلى عن القيود التي تحول بينها وبين الدور الذي يمكن أن تلعبه في المنطقة. ولكنها ما زالت عضوا مؤثرا في حلف الناتو ومازالت تسعى للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
هل تسعى تركيا لإحياء الدولة العثمانية من جديد؟ كلا. القيادة التركية تدرك جيدا أن عهد الدولة العثمانية انتهى بما لها وما عليها، وأننا في زمن يختلف تماما عن زمن الدولة العثمانية. كل ما تريد تركيا تأسيس علاقات مع محيطها الذي يشترك معها في التاريخ والجغرافيا والثقافة ولكن مع الاحترام لسيادة كل دولة صغيرة كانت أو كبيرة وخصوصيتها. هذا ما أكده وزير الخارجية التركي أحمد داود أوجلو أكثر من مرة.
احتواء العسكر
هل تعتقد أن عهد تدخل الجيش قد ولى بعد أن تمكنت حكومة أردوجان من تقليص دور المؤسسة العسكرية التركية في الحياة السياسية؟
*لا يمكن أن نقول حاليا إن عهد التدخلات العسكرية قد ولى نهائيا بدون رجعة. صحيح أن السنوات العشر الأخيرة شهدت صراعا كبيرا بين الحكومة التركية والقوى الانقلابية التي تسعى للإطاحة بحكومة العدالة والتنمية وأن المؤسسة العسكرية كسرت شوكتها وتراجعت نفوذها بالساحة السياسية بشكل أو بآخر، إلا أننا يجب أن لا نغفل أن التدخلات ليس من الضروري أن تكون على شكل انقلاب عسكري مباشر. بهذا المعنى يمكن أن نقول أن عهد الانقلابات العسكرية في تركيا قد ولى بدون رجعة. ولكن ما زالت المؤسسة العسكرية فيها عناصر مصابة بداء التدخل في الشؤون المدنية ومحاولة تنظيم الساحة السياسية - على حد قوله.
كما أننا يجب أن لا ننسى أن العسكريين لم يكونوا وحدهم في الانقلابات والتدخلات العسكرية السابقة.
هناك سياسيون وإعلاميون وأكاديميون ورجال أعمال وقضاة وغير ذلك، مستعدون للعمل في خدمة أي تدخل لإسقاط حكومة أردوجان.
ولكن المبشر بالخير هو مستوى الوعي الذي وصل إليه الشارع التركي، فالمواطن التركي الآن لا ينخدع بسهولة، ويدرك حقيقة المؤامرات ويقف بجانب الحكومة في مواجهة القوى الانقلابية بل يطالب الحكومة بتعزيز الديمقراطية أكثر ومعاقبة كل من يستهدف النظام الديمقراطي مهما كان منصبه أو رتبته. وبالتالي ليس من السهل أيضا للقوى الانقلابية أن تكرر السيناريوهات التي نجحت في السابق قبل ثورة التكنولوجيا والاتصالات.
البحث عن دستور جديد
ينتقد بعض المراقبين – لاسيما من أوروبا – أنقرة في قانون "حظر الأحزاب"، الذي يُصيب العملية الديمقراطية في "مقتل"، لأنه – أي القانون – يستخدم في الصراع السياسي الداخلي لإقصاء بعض الأطراف عن العملية السياسية، وعليه؛ كيف يمكن لتركيا تجاوز هذا قانون؟
كانت هناك مادة في رزمة التعديلات الدستورية الأخيرة تجعل حظر الأحزاب السياسية أكثر صعوبة وتربط رفع الدعوى القضائية لحظر أي حزب سياسي بموافقة البرلمان عليه، إلا أن البرلمان التركي لم يصادق على هذه المادة وبعض النواب من الحزب الحاكم صوت مع المعارضة ضد المادة وبالتالي سقطت من الرزمة.
ليس من الإنصاف أن نلوم حكومة أردوجان في هذه المسألة، لأنها أبدت رغبتها وأدخلت المادة المذكورة في رزمة التعديلات الدستورية. والآن يطرح الحزب الحاكم موضوع دستور جديد، لأن الدستور الحالي، بالرغم من التعديلات، لا يلبي احتياجات وتطلعات "تركيا الجديدة".
وأعتقد أن مسألة كتابة الدستور من جديد ستكون من أهم نقاشات الحملات الانتخابية وأن حزب العدالة والتنمية سيخرج أمام الناخبين بوعد دستور جديد بعد الانتخابات التي ستجري في يونيو القادم. وبرأيي أن مشكلة حظر الأحزاب سوف تنحل مع الدستور الجديد.
العلاقات مع إسرائيل غير متزنة
إسرائيل تواجه تركيا عبر تعزيز علاقاتها مع اليونان، في حين اعتبرت أنقرة تل أبيب "تهديد رئيسي لها" في "الكتاب الأحمر"، ما يضع العلاقات الثنائية بين الطرفين موضع التساؤل: هل انفرط عقد التحالف بين تركيا وإسرائيل؟.
*لم تكن العلاقات الثنائية بين تركيا وإسرائيل إلى وقت قريب لصالح أنقرة كما أنها لم تكن متزنة أيضا، وإنما كانت لصالح تل أبيب. فمثلا تركيا كانت تشتري من إسرائيل أسلحة بمبالغ هائلة لتنقذ الشركات الإسرائيلية من الإفلاس مع أنه كان بإمكانها أن تشتري من غيرها بأقل من تلك المبالغ.
وموقف أردوجان في منتدى دافوس كان إعلان نهاية ذاك العهد وبداية عهد جديد في العلاقات التركية-الإسرائيلية. ومجزرة أسطول الحرية رسخت أسس هذا العهد. بعد الآن، من المستحيل أن تعود العلاقات التركية-الإسرائيلية إلى ما كانت عليه في السابق.
كيف تتحسن العلاقات التركية الإسرائيلية من جديد؟ إذا سقطت في تركيا حكومة حزب العدالة والتنمية وتأتي مكانها حكومة تعيد العلاقات إلى سابق عهدها. فهذا أمر مستحيل في الظروف الراهنة، لأن الشعب التركي لا ولن يرضى عن مثل هذه الحكومة، لا ولن يوصل إلى الحكم أي حزب يقدم العلاقات مع الكيان على المصالح الوطنية. بمعنى آخر، فإن موقف الحكومة التركية حاليا من إسرائيل وسياساتها يعكس إرادة الشارع التركي.
هناك طريق آخر لتحسن العلاقات بين أنقرة وتل أبيب وهو أن تتخلى إسرائيل عن سياساتها العدوانية وترفع الحصار عن غزة وتقدم لتركيا ما تطلبه من الاعتذار والتعويضات لأسر ضحايا أسطول الحرية وتلتزم بمسؤوليتها تجاه عملية السلام، ولكن أعتقد هذا أيضا مستحيل، لأن المجتمع الإسرائيلي يتجه إلى أقصى اليمين ومن متطرف إلى من هو أكثر منه تطرفا.
الاهتمام بأفغانستان
أطلقت تركيا دعوةً للرئيس حامد كرزاي كي تستضيف أنقرة المفاوضات بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، بعد محاولات دولية سابقة لحل الأزمة المتصاعدة في كابول، دون جدوى..؛ فما هو الدور التركي "الجديد" في الملف الأفغاني؟
*حسب علمي أن الرئيس الأفغاني هو الذي طلب من أنقرة أن تستضيف المفاوضات ولكن لا يختلف كثيرا كون الدعوة جاءت أولا من الجانب الأفغاني أو من الجانب التركي. المهم أن أنقرة أبدت استعدادها لاستضافة المفاوضات.
لا أظن أن تركيا سوف تلعب دورا جديدا. كل ما في الأمر، أن هناك محاولة لإبعاد "المعتدلين" من حركة طالبان عن "المتشددين" والقاعدة وإشراكهم في الحكم. أي تكرار سيناريو الصومال والشيخ شريف. فهل ينجح السيناريو نفسه في أفغانستان؟ هذا هو السؤال المطروح..
سياسة الانفتاح التركية.. وإمكانية التوازن
حذرت واشنطن أنقرة من مغبة إطلاع بكين على تقنيات عسكرية أطلسية، وذلك تعقيباً على المناورات العسكرية المشتركة بين "نسر الأناضول" و"التنين الصيني"، فكيف تقرأ المخاوف الأمريكية من تطور العلاقات التركية الصينية؟.
*تركيا تبنت في عهد حكومات العدالة والتنمية سياسة الانفتاح أولا على محيطها الإقليمي. ثم على الدول التي علاقاتها غير متينة أو لم تكن أصلا لها علاقات معها. انفتحت على عمق القارة الإفريقية وعلى دول أمريكا اللاتينية بالإضافة إلى تعزيز علاقاتها مع روسيا والصين والهند.
وهذه العلاقات ليست على حساب علاقات تركيا مع الدول الغربية وإنما من باب توسيع دائرة العلاقات وفق المصالح الوطنية. والقلق الأمريكي من إطلاع بكين على تقنيات عسكرية أطلسية أثناء هذه المناورات ليس في محله لأن تركيا أعلنت التزامها بحماية التكنولوجيا الأمريكية وتكنولوجيا حلف شمال الأطلسي الحساسة.
ولكن.. هل تستطيع تركيا أن تتوازن في علاقتها مع مختلف الأطراف؟.
* قد ينزعج البعض من تعزيز تركيا علاقاتها مع جيرانها وينزعج الآخر من تعزيز علاقاتها مع روسيا والصين، ولكن في نهاية الأمر تركيا دولة مستقلة ومن حق الدول المستقلة الحرة أن تؤسس علاقات مع دول أخرى وتعززها دون أن تستأذن أحد.
نعم.. تركيا تستطيع التوازن، وكقوة إقليمية، يجب أن تكون لديها علاقات متزنة مع جميع الأطراف، ابتداء من جيرانها وأن تكون لديها بدائل تمكنها من التحرك في دائرة أوسع، سواء في العلاقات الاقتصادية، أو السياسية والعسكرية. ومن هنا، لا يمكن أن تتغافل العلاقات مع دول كالهند والصين. وهذه العلاقات هي التي تجعل أيضا يد تركيا قوية في مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي.
بعد سنوات من الانتظار، والإخفاقات المتواصلة؛ هل ما يزال الأتراك يأملون في دخول الاتحاد الأوروبي؟
* أعتقد أن المهم في هذا الموضوع أن تسعى تركيا لتحقيق المعايير المطلوبة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فهي بلا شك معايير لصالح تركيا والمواطن التركي. إذا ما حققت تركيا تلك المعايير وعززت ديمقراطيتها وارتقت في مجال حقوق الإنسان والخدمات الاجتماعية وغير ذلك إلى مستوى دول الاتحاد الأوروبي المتقدمة فبعد ذلك دخولها للاتحاد الأوروبي أو عدم دخولها لن يكون له معنى كبيرا.
أنا برأيي أن على الحكومة التركية أن تواصل خطواتها في طريق الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي دون تباطؤ، لأن تركيا استفادت كثيرا في سيرها بهذا الاتجاه. ليس من مصلحة تركيا أن تتحول إلى بلد شرق أوسطي، كذلك ليس من مصلحتها أن يتحول أردوجان إلى أحمدي نجاد أو تشافيز. الأفضل لتركيا أن توثق علاقاتها مع جيرانها ومع الدول العربية والإسلامية دون أن تدير ظهرها للغرب.
المشكلة الكردية.. مستعصية على الحل
الشبيبة:ما هو أكبر تحدٍ أمام تركيا؟
*أكبر تحدٍ أمام تركيا الآن وفي المستقبل القريب هو المشكلة الكردية. فهي مشكلة مستعصية، لابد من حلها بدقة وحساسية بالغة. لأن لها أبعادا مختلفة كما يتدخل فيها أطراف كثيرة. لابد من التفريق بين حقوق الشعب الكردي ومطالب الانفصاليين.
حكومة أردوجان تبدي رغبة صادقة لحل هذه المشكلة وقدمت خطوات بهذا الاتجاه ولكن حتى الآن نحن بعيدون عن الحل الجذري. الشارع التركي والسياسيون والمثقفون والكتاب وممثلو المجتمع المدني ورجال الأعمال؛ الكل يناقش الآن المشكلة الكردية. هذا شيء إيجابي. فليقل كل واحد ما يريد قوله مهما كان بعيدا عن الواقع، لأن لغة الحوار أفضل من لغة السلاح، وأيضا لنعرف ما يريده جميع الأطراف.
ولكن طريق الحوار هذا مليء بالمطبات والألغام. فمثلا الحكومة التركية لابد وأن تراعي الشارع التركي وأن لا تغضبه في انفتاحها على الأكراد.
كلما اُعتُبِر الانفتاح على الأكراد والخطوات التي تقدمها الحكومة انتصارا للقوميين الأكراد وللانفصاليين فإن ذلك يؤدي إلى تصاعد المشاعر القومية لدى الأتراك وبالتالي يفقد الحزب الحاكم من شعبيته لتزداد شعبية حزب الحركة القومية.
والقوميون من الأتراك والأكراد لا يفوتون أي فرصة تحريض الشارع ويطلقون تصريحات استفزازية.
أحيانا تتقاطع مطالب عموم الشعب الكردي مع مطالب الانفصاليين، مثل الاعتراف بالحقوق الثقافية والتعليم بالكردية، وأحيانا تتعارض. لا شك أن الانفصاليين لا يمثلون كل الأكراد في تركيا ولا حتى معظمهم. كما أننا نجد نقاط التقاء كثيرة بين القوى الانقلابية التي تعادي حكومة أردوجان وتسعى لإسقاطها وبين الانفصاليين الأكراد، بل هناك تقارير تفيد بأن حزب العمال الكردستاني مخترق من قبل القوى الانقلابية ولذلك يقوم بتصعيد هجماته في المنعطفات المهمة، وكلما تقترب الحكومة التركية من حل المشكلة الكردية.
على كل حال، لا يمكن لتركيا أن تصل إلى أهدافها كقوة إقليمية وهي تعاني في الداخل من مشكلة بهذا الحجم ولذا، ليس أمامها إلا حل هذه المشكلة في إطار تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان ومبدأ المساواة بين المواطني
ويرى الخبير في الشأن التركي في حوار خاص مع "الشبيبة" أن العلاقات التركية الإسرائيلية لم تكن لصالح أنقرة – حتى وقتٍ قريب - كما أنها لم تكن متزنة أيضا.
وحول المشكلة الكردية، قال ياشا إن الحكومة تتجه بصدق لحلها، وأن عموم الشعب التركي يناقش هذه القضية التي وصفها بـ "المستعصية"، لأن هنالك مطالب كردية تتقاطع ومطالب الانفصال، رغم تأكيدهِ أن الانفصاليين لا يمثلون أغلبية لدى الأكراد، وفيما يلي نص الحوار:
مرحلة انتقالية..
الشبيبة: إسلاميو تركيا موزعون بين حزبي"السعادة" و"العدالة والتنمية"..؛ فما هو مستقبل الإسلام السياسي في أنقرة؟
* إسلاميو تركيا كانوا موزعين بين "السعادة" و"العدالة والتنمية" قبل انشقاق نعمان كورتولموش وأصدقائه من "السعادة" وتأسيسهم حزب "صوت الشعب"، فأصبحوا بذلك ثلاثة أحزاب، لكن الانشقاق الأخير أصبح لصالح "العدالة والتنمية"، لأن الناخبين لا يفضلون غالبا الأحزاب الصغيرة التي ليس لها أمل في تجاوز نسبة ال 10%، وهي النسبة الأدنى لدخول البرلمان. وفي تقديري لن تتجاوز أصوات "السعادة" بزعامة نجم الدين أربكان و"صوت الشعب" بزعامة نعمان كورتولموش 3% في الانتخابات القادمة وأننا سنشهد منافسة بين هذين الحزبين وإن كانت نسبة أصواتهما ضئيلة.
أما حزب العدالة والتنمية بزعامة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان فمازال يحافظ على شعبيته وليس له منافس حقيقي، لأنه ليس له بديل حتى الآن. والأحزاب الأخرى كلها، سواء كانت يمينية أو يسارية، ما زالت بعيدة عن تطلعات وطموحات معظم الشعب التركي. ولذلك نقول إن المنافس الحقيقي لحزب العدالة والتنمية هو نفسه، بمعنى أن الحزب الحاكم هو الذي سيحدد مستقبله بنجاحاته أو إخفاقاته. لست بمتحيز لحزب أردوجان، وإنما استطلاعات الرأي تقول ذلك، فمثلا آخر استطلاع للرأي يشير إلى أن أصوات حزب العدالة والتنمية تصل إلى 48%.
السؤال الذي لابد من طرحه هو كيف سيكون مستقبل حزب العدالة والتنمية في ظل منافسات داخلية؟. لا شك أن الصراع مع القوى الانقلابية جمعت التيارات الإسلامية المختلفة بالإضافة إلى اللبراليين في تأييد حزب العدالة والتنمية. ولكن مع مرور الزمان وتراجع نفوذ العسكر في الساحة السياسية والانفتاح في السياسة الخارجية ظهرت بوادر استياء لدى بعض التيارات من أداء الحكومة وسياساتها. ومثال ذلك ما حدث في التعاطي مع أسطول الحرية.
ويعد وجود أردوجان على رأس حزب العدالة والتنمية عامل من عوامل النجاح في الحزب الحاكم.
لأن أردوجان له شخصية قوية يمنع الفوضى والانشقاق. لا أحد يتجرأ بالخروج على أردوجان. وكثير من الناخبين يصوتون لحزب العدالة والتنمية لأجل ثقتهم بأردوجان فقط. ولكن ما مصير حزب العدالة والتنمية بعد أردوجان؟ أعتقد هذا ما سنبدأ مناقشته بعد انتخابات يونيو القادمة.
هل ترى أن تركيا تمر بمرحلة انتقالية، تتجاوز خلالها "العلمانية الكمالية" وميراثها السياسي؟ لاسيما وأن بعض التحليلات تقول إن التوجهات السياسية الجديدة لتركيا – في ظل حزب العدالة والتنمية – هي عملية تحول من المحور الغربي- الأطلسي إلى المحور الشرق الأوسطي بشكل خاص؟.
*نعم، تركيا تمر من مرحلة انتقالية ولكن هذا الانتقال ليس من محور إلى محور آخر. السياسة الخارجية الجديدة لتركيا ترفض أصلا سياسة المحاور. يمكن أن نقول إن تركيا فتحت عيونها لتدرك قوتها وحجم نفوذها، وبدأت تتخلى عن القيود التي تحول بينها وبين الدور الذي يمكن أن تلعبه في المنطقة. ولكنها ما زالت عضوا مؤثرا في حلف الناتو ومازالت تسعى للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
هل تسعى تركيا لإحياء الدولة العثمانية من جديد؟ كلا. القيادة التركية تدرك جيدا أن عهد الدولة العثمانية انتهى بما لها وما عليها، وأننا في زمن يختلف تماما عن زمن الدولة العثمانية. كل ما تريد تركيا تأسيس علاقات مع محيطها الذي يشترك معها في التاريخ والجغرافيا والثقافة ولكن مع الاحترام لسيادة كل دولة صغيرة كانت أو كبيرة وخصوصيتها. هذا ما أكده وزير الخارجية التركي أحمد داود أوجلو أكثر من مرة.
احتواء العسكر
هل تعتقد أن عهد تدخل الجيش قد ولى بعد أن تمكنت حكومة أردوجان من تقليص دور المؤسسة العسكرية التركية في الحياة السياسية؟
*لا يمكن أن نقول حاليا إن عهد التدخلات العسكرية قد ولى نهائيا بدون رجعة. صحيح أن السنوات العشر الأخيرة شهدت صراعا كبيرا بين الحكومة التركية والقوى الانقلابية التي تسعى للإطاحة بحكومة العدالة والتنمية وأن المؤسسة العسكرية كسرت شوكتها وتراجعت نفوذها بالساحة السياسية بشكل أو بآخر، إلا أننا يجب أن لا نغفل أن التدخلات ليس من الضروري أن تكون على شكل انقلاب عسكري مباشر. بهذا المعنى يمكن أن نقول أن عهد الانقلابات العسكرية في تركيا قد ولى بدون رجعة. ولكن ما زالت المؤسسة العسكرية فيها عناصر مصابة بداء التدخل في الشؤون المدنية ومحاولة تنظيم الساحة السياسية - على حد قوله.
كما أننا يجب أن لا ننسى أن العسكريين لم يكونوا وحدهم في الانقلابات والتدخلات العسكرية السابقة.
هناك سياسيون وإعلاميون وأكاديميون ورجال أعمال وقضاة وغير ذلك، مستعدون للعمل في خدمة أي تدخل لإسقاط حكومة أردوجان.
ولكن المبشر بالخير هو مستوى الوعي الذي وصل إليه الشارع التركي، فالمواطن التركي الآن لا ينخدع بسهولة، ويدرك حقيقة المؤامرات ويقف بجانب الحكومة في مواجهة القوى الانقلابية بل يطالب الحكومة بتعزيز الديمقراطية أكثر ومعاقبة كل من يستهدف النظام الديمقراطي مهما كان منصبه أو رتبته. وبالتالي ليس من السهل أيضا للقوى الانقلابية أن تكرر السيناريوهات التي نجحت في السابق قبل ثورة التكنولوجيا والاتصالات.
البحث عن دستور جديد
ينتقد بعض المراقبين – لاسيما من أوروبا – أنقرة في قانون "حظر الأحزاب"، الذي يُصيب العملية الديمقراطية في "مقتل"، لأنه – أي القانون – يستخدم في الصراع السياسي الداخلي لإقصاء بعض الأطراف عن العملية السياسية، وعليه؛ كيف يمكن لتركيا تجاوز هذا قانون؟
كانت هناك مادة في رزمة التعديلات الدستورية الأخيرة تجعل حظر الأحزاب السياسية أكثر صعوبة وتربط رفع الدعوى القضائية لحظر أي حزب سياسي بموافقة البرلمان عليه، إلا أن البرلمان التركي لم يصادق على هذه المادة وبعض النواب من الحزب الحاكم صوت مع المعارضة ضد المادة وبالتالي سقطت من الرزمة.
ليس من الإنصاف أن نلوم حكومة أردوجان في هذه المسألة، لأنها أبدت رغبتها وأدخلت المادة المذكورة في رزمة التعديلات الدستورية. والآن يطرح الحزب الحاكم موضوع دستور جديد، لأن الدستور الحالي، بالرغم من التعديلات، لا يلبي احتياجات وتطلعات "تركيا الجديدة".
وأعتقد أن مسألة كتابة الدستور من جديد ستكون من أهم نقاشات الحملات الانتخابية وأن حزب العدالة والتنمية سيخرج أمام الناخبين بوعد دستور جديد بعد الانتخابات التي ستجري في يونيو القادم. وبرأيي أن مشكلة حظر الأحزاب سوف تنحل مع الدستور الجديد.
العلاقات مع إسرائيل غير متزنة
إسرائيل تواجه تركيا عبر تعزيز علاقاتها مع اليونان، في حين اعتبرت أنقرة تل أبيب "تهديد رئيسي لها" في "الكتاب الأحمر"، ما يضع العلاقات الثنائية بين الطرفين موضع التساؤل: هل انفرط عقد التحالف بين تركيا وإسرائيل؟.
*لم تكن العلاقات الثنائية بين تركيا وإسرائيل إلى وقت قريب لصالح أنقرة كما أنها لم تكن متزنة أيضا، وإنما كانت لصالح تل أبيب. فمثلا تركيا كانت تشتري من إسرائيل أسلحة بمبالغ هائلة لتنقذ الشركات الإسرائيلية من الإفلاس مع أنه كان بإمكانها أن تشتري من غيرها بأقل من تلك المبالغ.
وموقف أردوجان في منتدى دافوس كان إعلان نهاية ذاك العهد وبداية عهد جديد في العلاقات التركية-الإسرائيلية. ومجزرة أسطول الحرية رسخت أسس هذا العهد. بعد الآن، من المستحيل أن تعود العلاقات التركية-الإسرائيلية إلى ما كانت عليه في السابق.
كيف تتحسن العلاقات التركية الإسرائيلية من جديد؟ إذا سقطت في تركيا حكومة حزب العدالة والتنمية وتأتي مكانها حكومة تعيد العلاقات إلى سابق عهدها. فهذا أمر مستحيل في الظروف الراهنة، لأن الشعب التركي لا ولن يرضى عن مثل هذه الحكومة، لا ولن يوصل إلى الحكم أي حزب يقدم العلاقات مع الكيان على المصالح الوطنية. بمعنى آخر، فإن موقف الحكومة التركية حاليا من إسرائيل وسياساتها يعكس إرادة الشارع التركي.
هناك طريق آخر لتحسن العلاقات بين أنقرة وتل أبيب وهو أن تتخلى إسرائيل عن سياساتها العدوانية وترفع الحصار عن غزة وتقدم لتركيا ما تطلبه من الاعتذار والتعويضات لأسر ضحايا أسطول الحرية وتلتزم بمسؤوليتها تجاه عملية السلام، ولكن أعتقد هذا أيضا مستحيل، لأن المجتمع الإسرائيلي يتجه إلى أقصى اليمين ومن متطرف إلى من هو أكثر منه تطرفا.
الاهتمام بأفغانستان
أطلقت تركيا دعوةً للرئيس حامد كرزاي كي تستضيف أنقرة المفاوضات بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، بعد محاولات دولية سابقة لحل الأزمة المتصاعدة في كابول، دون جدوى..؛ فما هو الدور التركي "الجديد" في الملف الأفغاني؟
*حسب علمي أن الرئيس الأفغاني هو الذي طلب من أنقرة أن تستضيف المفاوضات ولكن لا يختلف كثيرا كون الدعوة جاءت أولا من الجانب الأفغاني أو من الجانب التركي. المهم أن أنقرة أبدت استعدادها لاستضافة المفاوضات.
لا أظن أن تركيا سوف تلعب دورا جديدا. كل ما في الأمر، أن هناك محاولة لإبعاد "المعتدلين" من حركة طالبان عن "المتشددين" والقاعدة وإشراكهم في الحكم. أي تكرار سيناريو الصومال والشيخ شريف. فهل ينجح السيناريو نفسه في أفغانستان؟ هذا هو السؤال المطروح..
سياسة الانفتاح التركية.. وإمكانية التوازن
حذرت واشنطن أنقرة من مغبة إطلاع بكين على تقنيات عسكرية أطلسية، وذلك تعقيباً على المناورات العسكرية المشتركة بين "نسر الأناضول" و"التنين الصيني"، فكيف تقرأ المخاوف الأمريكية من تطور العلاقات التركية الصينية؟.
*تركيا تبنت في عهد حكومات العدالة والتنمية سياسة الانفتاح أولا على محيطها الإقليمي. ثم على الدول التي علاقاتها غير متينة أو لم تكن أصلا لها علاقات معها. انفتحت على عمق القارة الإفريقية وعلى دول أمريكا اللاتينية بالإضافة إلى تعزيز علاقاتها مع روسيا والصين والهند.
وهذه العلاقات ليست على حساب علاقات تركيا مع الدول الغربية وإنما من باب توسيع دائرة العلاقات وفق المصالح الوطنية. والقلق الأمريكي من إطلاع بكين على تقنيات عسكرية أطلسية أثناء هذه المناورات ليس في محله لأن تركيا أعلنت التزامها بحماية التكنولوجيا الأمريكية وتكنولوجيا حلف شمال الأطلسي الحساسة.
ولكن.. هل تستطيع تركيا أن تتوازن في علاقتها مع مختلف الأطراف؟.
* قد ينزعج البعض من تعزيز تركيا علاقاتها مع جيرانها وينزعج الآخر من تعزيز علاقاتها مع روسيا والصين، ولكن في نهاية الأمر تركيا دولة مستقلة ومن حق الدول المستقلة الحرة أن تؤسس علاقات مع دول أخرى وتعززها دون أن تستأذن أحد.
نعم.. تركيا تستطيع التوازن، وكقوة إقليمية، يجب أن تكون لديها علاقات متزنة مع جميع الأطراف، ابتداء من جيرانها وأن تكون لديها بدائل تمكنها من التحرك في دائرة أوسع، سواء في العلاقات الاقتصادية، أو السياسية والعسكرية. ومن هنا، لا يمكن أن تتغافل العلاقات مع دول كالهند والصين. وهذه العلاقات هي التي تجعل أيضا يد تركيا قوية في مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي.
بعد سنوات من الانتظار، والإخفاقات المتواصلة؛ هل ما يزال الأتراك يأملون في دخول الاتحاد الأوروبي؟
* أعتقد أن المهم في هذا الموضوع أن تسعى تركيا لتحقيق المعايير المطلوبة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فهي بلا شك معايير لصالح تركيا والمواطن التركي. إذا ما حققت تركيا تلك المعايير وعززت ديمقراطيتها وارتقت في مجال حقوق الإنسان والخدمات الاجتماعية وغير ذلك إلى مستوى دول الاتحاد الأوروبي المتقدمة فبعد ذلك دخولها للاتحاد الأوروبي أو عدم دخولها لن يكون له معنى كبيرا.
أنا برأيي أن على الحكومة التركية أن تواصل خطواتها في طريق الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي دون تباطؤ، لأن تركيا استفادت كثيرا في سيرها بهذا الاتجاه. ليس من مصلحة تركيا أن تتحول إلى بلد شرق أوسطي، كذلك ليس من مصلحتها أن يتحول أردوجان إلى أحمدي نجاد أو تشافيز. الأفضل لتركيا أن توثق علاقاتها مع جيرانها ومع الدول العربية والإسلامية دون أن تدير ظهرها للغرب.
المشكلة الكردية.. مستعصية على الحل
الشبيبة:ما هو أكبر تحدٍ أمام تركيا؟
*أكبر تحدٍ أمام تركيا الآن وفي المستقبل القريب هو المشكلة الكردية. فهي مشكلة مستعصية، لابد من حلها بدقة وحساسية بالغة. لأن لها أبعادا مختلفة كما يتدخل فيها أطراف كثيرة. لابد من التفريق بين حقوق الشعب الكردي ومطالب الانفصاليين.
حكومة أردوجان تبدي رغبة صادقة لحل هذه المشكلة وقدمت خطوات بهذا الاتجاه ولكن حتى الآن نحن بعيدون عن الحل الجذري. الشارع التركي والسياسيون والمثقفون والكتاب وممثلو المجتمع المدني ورجال الأعمال؛ الكل يناقش الآن المشكلة الكردية. هذا شيء إيجابي. فليقل كل واحد ما يريد قوله مهما كان بعيدا عن الواقع، لأن لغة الحوار أفضل من لغة السلاح، وأيضا لنعرف ما يريده جميع الأطراف.
ولكن طريق الحوار هذا مليء بالمطبات والألغام. فمثلا الحكومة التركية لابد وأن تراعي الشارع التركي وأن لا تغضبه في انفتاحها على الأكراد.
كلما اُعتُبِر الانفتاح على الأكراد والخطوات التي تقدمها الحكومة انتصارا للقوميين الأكراد وللانفصاليين فإن ذلك يؤدي إلى تصاعد المشاعر القومية لدى الأتراك وبالتالي يفقد الحزب الحاكم من شعبيته لتزداد شعبية حزب الحركة القومية.
والقوميون من الأتراك والأكراد لا يفوتون أي فرصة تحريض الشارع ويطلقون تصريحات استفزازية.
أحيانا تتقاطع مطالب عموم الشعب الكردي مع مطالب الانفصاليين، مثل الاعتراف بالحقوق الثقافية والتعليم بالكردية، وأحيانا تتعارض. لا شك أن الانفصاليين لا يمثلون كل الأكراد في تركيا ولا حتى معظمهم. كما أننا نجد نقاط التقاء كثيرة بين القوى الانقلابية التي تعادي حكومة أردوجان وتسعى لإسقاطها وبين الانفصاليين الأكراد، بل هناك تقارير تفيد بأن حزب العمال الكردستاني مخترق من قبل القوى الانقلابية ولذلك يقوم بتصعيد هجماته في المنعطفات المهمة، وكلما تقترب الحكومة التركية من حل المشكلة الكردية.
على كل حال، لا يمكن لتركيا أن تصل إلى أهدافها كقوة إقليمية وهي تعاني في الداخل من مشكلة بهذا الحجم ولذا، ليس أمامها إلا حل هذه المشكلة في إطار تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان ومبدأ المساواة بين المواطني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق